يرى الكثيرون أن الحل في المشكلات التي نواجهها توجد في الأنظمة الوضعية، وتجاهلوا النظام الإسلامي، على الرغم من أن الإسلام هو النظام الوحيد الذي يستطيع حل هذه المشاكل وهذا ماسلط عليه الضوء الأستاذ (سيد قطب ) مؤكدًا على أن الحل ليس في الشيوعية أو الرأسمالية، وأن الإسلام هو الحل لكافة المشكلات، من سوء توزيع الملكيات والثروات، ومشاكل العمل والأجور وعدم تكافؤ الفرص. وقد ردّ على بعض الشبهات حول حكم الإسلام، وبيّن بعض العداوات لحكم الإسلام.
هذا الوضع الاجتماعي السيء الذي تعانيه الجماهير في (مصر ) غير قابل للبقاء والاستقرار. هذه حقيقة يجب أن تكون معروفة بين الجميع؛ كي يمكن السير بعد ذلك على هداها في الطريق الصحيح. وكل وضع اجتماعي يكون من نتائجه شَلّ قوى الأمة عن العمل والإنتاج، ويمنعها من التقدم والنمو، هو وضع شاذ، لا يفقد فقط حقه في البقاء، بل يصبح بالفعل غير قادر على البقاء، فكيف إذا اجتمع إلى هذه الآفة؟! إنه يهدر الكرامة الإنسانية، ويفسد الخُلُق والضمير، ويقضي على كل معاني العدالة، ويقتل الثقة الضرورية في المجتمع والدولة، وينشر القلق، ويذهب بالاطمئنان.
إن الذين يتشبثون اليوم بهذا الوضع الشاذ، ويحاولون أن يقيموا له الإسناد، سواء كانوا من المستغلين، الذين يعز عليهم أن يساهموا في التكاليف والأعباء الضرورية لإقامة المجتمع الصالح وصيانته، أو من الطغاة الذين يصعب على نفوسهم أن تجري العدالة مجراها؛ فتحرمهم أسباب السلطان الزائف الذي لا يقوم على أساس، أو من المستمتعين الذين تعودوا على المتاع الفاجر، فهم لا يُطِيقُون القصد فيه ولا الاعتدال، أو من رجال الدين المحترفين، الذين باعوا أنفسهم لا لله ولا للوطن، ولكن للشيطان. إن هؤلاء جميعًا إنما يحاولون ما لا قِبَلَ لهم به؛ لأنهم يحاولون ضد طبائع الأشياء! إنهم يلقون بأنفسهم إلى التهلكة؛ لأنهم يضيعون كل فرص السلامة المتاحة. وليتهم يذهبون وحدهم حين يذهبون، ولكنهم سيذهبون ومعهم هذه الأوطان المنكوبة، ما لم تأخذ هذه الأوطان على أيديهم – وفى الوقت متسع – قبل أن يحق عليها النذير الصادق: "وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا ".
إن أرضنا تملك أن تنتج أضعاف ما تنتج من غلات، ولكن لماذا لا يتم هذا؟ لأن هذه الأرض لا تزال موزعة كما كانت موزَّعة في أظلم عهود الإقطاع، فهي مُحتَكَرة في أَيْدٍ قليلة لا تستغلها استغلالًا كاملًا، ولا تدعها للقادرين على استغلالها ممن لا يملكون شيئًا. دع هذه الأرض تخرج من هذا الاحتكار، وتتداولها الأيدي المتعطلة التي لا تجد ما تعمل، حينئذ تتبدل الحال غير الحال.
إن الأوضاع الاجتماعية القائمة تفسد الخُلُقَ والضمير، وتشيع الفساد في المجتمع والدولة، وتؤدي إلى الانحلال الفردي والقومي. إن تضخم الثراء في جانب وبروز الحرمان في جانب، من شأنه أن يخلق طبقة من الأثرياء الفارغين، الذين يجدون لديهم وفرة من المال، ووفرة من الوقت، ووفرة من الطاقة الجسدية التي لا بد لها من مُتَصَرَّف. والطاقة التي لا تصرف في العمل، والتي لا تشعلها فكرة أعلى من الذات، لا بد أن تجد طريقًا آخر. وما من وضع اجتماعي هو أبعد عن روح الإسلام من أوضاعنا القائمة، وما من إثم أكبر من إثم الذين يَدِينون بالإسلام ثم يقبلون هذه الأوضاع.
إننا قد انتهينا إلى أن الاوضاع القائمة لن تدوم – كلنا متفقون على هذه الحقيقة – حتى أولئك الذين يقيمون من حولنا الإسناد. إنما تختلف الأراء حول الوضع الجديد الذي ينبغي أن يَخْلُف هذه الأوضاع، والتفكير في هذا واجب، فلا بد من وضع اجتماعي معين يحل محل هذا الوضع الذي يَدُقُّ بيده - أو بأيدي المتشبثين به - كل يوم مسمارًا في نعشه. والمسمار الأخير قريب جدًا، فمنا فريق يهتف بالإشتراكية، ومنا فريق يحلم بالشيوعية، ومنا فريق يدعو إلى الإسلام، والأوضاع القائمة تجاهد الجميع؛ لأن واحدًا من هذه الحلول كلها لن يدعها في سلام. لن تُسَلِّم الأوضاع الاجتماعية لواحد من الثلاثة إذن، ولا بد من كفاح منظَّم ومرتَّب، وطويل الأجل لإنقاذ هذا الوطن المشرف على الانهيار.
هذا هو الوضع القائم في (مصر )، أما في الخارج فهناك كتلتان ضخمتان: كتلة الشيوعية في الشرق، وكتلة الرأسمالية في الغرب. وكلتاهما ينشر دعاية ماكرة قوامها أن ليس في العالم إلا كتلتان ووجهتان: الشيوعية والرأسمالية، وأنه ليس للأمم الباقية مفر من أن تكون إلى جانب هذه الكتلة أو تلك. إن الشيوعية تخاطب الشعوب المُسْتَغَلة، والجماهير الكادحة؛ فمن مصلحتها أن تَدَعَ هذه الجماهير تفهم أنهم إما أن يكونوا في صف الشيوعية أو يكونوا في صف الرأسمالية! والجماهير حين تُخْبَر على هذا النحو، فاختيارها واضح؛ لأنهم ذاقوا الويل من الرأسمالية؛ فالشيوعية وحدها هي طريق الخلاص!
والرأسمالية تخاطب الهيئات الحاكمة، والطقبات المُسْتَغِلَة؛ فمن مصلحتها أن تَدَعَ هذا الفريق يفهم أنه لو لم يكن في صف الرأسمالية، فسيكون في صف الشيوعية، وهم أيضًا اختيارهم معروف. الكتلة الغربية إذن كالكتلة الشرقية، يديران المعركة لحسابهما الخاص، على حساب الشعوب والأمم التي تدور في فلك هذه أو تلك.
اكمل قراءة الملخص كاملاً علي التطبيق الان
ثقف نفسك بخطة قراءة من ملخصات كتب المعرفة المهمة
هذه الخطة لتثقيف نفسك و بناء معرفتك أُعدت بعناية حسب اهتماماتك في مجالات المعرفة المختلفة و تتطور مع تطور مستواك, بعد ذلك ستخوض اختبارات فيما قرأت لتحديد مستواك الثقافي الحالي و التأكد من تقدم مستواك المعرفي مع الوقت
حمل التطبيق الان، و زد ثقتك في نفسك، و امتلك معرفة حقيقية تكسبك قدرة علي النقاش و الحوار بقراءة اكثر من ٤٣٠ ملخص لاهم الكتب العربية الان